فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: هي متصلة.
قال ابنُ بَحْر: هي عديلة همزة تقدر من معنى ما تقدم، وذلك أن قوله: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} [آل عمران: 140] و{وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس} [آل عمران: 140] إلى آخر القصة يقتضي أن نتبع ذلك أتعلمون أن التكليف يوجب ذلك أم حسبتم أن تدخلوا الجنة من غير اختبار وتحمُّل مشقة، وأن تجاهدوا، فيعلم الله ذلك منكم واقعًا.
وأحسب- هنا- على بابها من ترجيح أحد الطرفين، و{أَن تَدْخُلُواْ} ساد مسد المفعولين- على رأي سيبويه- ومسد الأول، والثاني: محذوف- على رأي الأخفش.
قوله: {وَلَمَّا يَعْلَمِ الله} جملة حالية.
قال الزَّمَخْشَرِي: و{لما} بمعنى لم، إلا أنَّ فيه ضربًا من التوقُّع، فدلَّ على نفي الجهاد فيما مضى، وعلى توقُّعه فيما يستقبل، وتقول: وعدتني أن تفعل كذا ولمَّا، تريد: ولم تفعل، وأنا أتوقَّع فِعْلَه.
قال أبو حيان: وهذا الذي قاله في {لما}- من أنها تدل على توقُّع الفعل المنفي بها فيما يستقبل- لا أعلم أحدًا من النحويين ذكره، بل ذكروا أنك إذا قلت: لما يخرج زيد، دل ذلك على انتفاء الخروج فيما مضى، متصلًا نفيه إلى وقت الأخبار، أما أنها تدل على توقُّعه في المستقبل فلا، لكنني وجدت في كلام الفراء شيئًا يُقارب ما قاله الزمخشري، قال: {لما} لتعريض الوجود بخلاف لم.
قال شِهَابُ الدين: والنحاة إنما فرَّقوا بينهما من جهة أن المنفي بلَمْ هو فعل غير مقرون بقد، والمنفي بلما فعل مقرون بها، وقد تدل على التوقُّع، فيكون كلام الزمخشري صحيحًا من هذه الجهة، ويدل على ما قلته- من كون لم لنفي فعل فلان، ولما لنفي قد فعل- نصُّ سيبويه فمن دونه.
قال الزجاج إذا قيل فعل فلان، فجوابه: لم يفعل، وإذا قيل: قد فعل فلان، فجوابه لما يفعل؛ لأنه لما أُكِّد في جانب الثبوت بقد لا جرم أنه أكد في جانب النفي بكلمة لما، وقد تقدم نظير هذه الآية في البقرة وظاهر الآية يدل على وقوع النفي على العلم، والمراد: وقوعه على نفي المعلوم، والتقدير: أم حسبتم أن تدخلوا الجنةَ، ولمَّا يصدر الجهادُ عنكم؟
وتقريره: أن العلم متعلق بالمعلوم، كما هو عليه، فلما حَصَلَتْ هذه المطابقة- لا جرم- حَسُن إقامة كلِّ واحدٍ منهما مقامَ الآخر.
قوله: {مِنْكُمْ} حال من {الَّذِينَ}.
وقرأ العامة {وَلَمَّا يَعْلَمِ الله} بكسر الميم- على أصل التقاء الساكنين.
وقرأ النخعي وابن وثاب بفتحها، وفيها وجهان:
الأول: أن الفتحة فتحة إتباع الميم لللام قبلها.
الثاني: أنه على إرادة النون الخفيفة، والأصل: ولما يعلمن، والمنفي بلما قد جاء مؤكدًا بها، كقول الشاعر: [الرجز]
يَحْسَبُهُ الْجَاهِلُ مَا لَمْ يَعْلَمَا ** شَيْخًا عَلَى كُرْسِيِّهِ مُعَمَّمَا

فلما حذفت النون بقي آخر الفعل مفتوحًا، كقول الشاعر: [الخفيف]
لا تُهِينَ الْفَقِيرَ عَلَّكَ أن تَرْ ** كَعَ يَوْمًا وَالدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ

وعليه تُخَرَّج قراءةُ: {أَلَم نَشْرَحَ} [الشرح: 1]- بفتح الحاء-.
وقول الآخر: [الرجز]
مِنْ أيِّ يَوْمَيَّ مِنَ الْمَوْتِ أفْر ** مِنْ يَوْمِ لَمْ يُقْدَرَ أوْ يَوْم قُدِرْ

قوله: {ويَعْلَمَ} العامة على فتح الميم، وفيها تخريجان:
أحدهما: وهو الأشهر- أن الفعل منصوب، ثم هل نصبه بأن مقدَّرة بعد الواو المقتضية للجمع كهي في قولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، أي: لا تجمع بينهما- وهو مذهب البصريين- أو بواو الصرف- وهو مذهب الكوفيين- يعنون أنه كان من حق الفعل أن يُعْرَب بإعراب ما قبله، فلما جاءت الواو صرفته إلى وجهٍ آخرَ من الإعراب.
الثاني: أن الفتحةَ فتحةُ التقاء الساكنين، والفعل مجزوم، فلما وقع بعده ساكنٌ آخر، احتيج إلى تحريك آخرهِ، فكانت الفتحة أوْلَى؛ لأنها أخف، وللإتباع لحركة اللام، كما قيل ذلك في أحد التخريجين في قراءة {ولَمَّا يَعْلَمَ اللهُ} بفتح الميم- والأول هو الوجه.
وقرأ الحسنُ وأبو حيوةَ وابنُ يَعْمُرَ: بكسر الميم؛ عطفًا على {يَعْلَم} المجزوم بـ {لَمَّا}.
وقرأ عَبْدُ الوَارِثِ- عن أبي عَمْرو بْنِ العَلاَءِ-{ويعْلَمُ} بالرفع، وفيها وجهان:
أظهرهما: أنه مستأنف، أخبر- تعالى- بذلك.
وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: على أن الواو للحال، كأنه قيل: ولما تجاهدوا وأنتم صابرون.
قال أبُو حَيَّانَ: ولا يصح ما قال؛ لأن واو الحال لا تدخل على المضارع، لا يجوز: جاء زيد ويضحك- تريد: جاء زيد يضحك، لأن المضارع واقع موقع اسم الفاعل، فكما لا يجوز: جاء زيد وضاحكًا، كذلك لا يجوز: جاء زيد ويضحك فإن أولَ على أن المضارع خبر لمبتدأ محذوف، أمكن ذلك، التقدير: وهو يعلم الصابرين.
كما أولوا قول الشاعر: [المتقارب]
................... ** نَجَوْتُ وَأرْهَنُهُمْ مَالِكا

أي: وأنا أرهنهم.
قال شهابُ الدين: قوله: لا تدخل على المضارع، هذا ليس على إطلاقه، بل ينبغي أن يقول: على المضارع المثبت، أو المنفي بلا؛ لأنها تدخل على المضارع المنفي بلم ولمَّا. وقد عُرِف ذلك مرارًا.
ومعنى الآية: أن دخول الجنة، وترك المصابرة على الجهاد مما لا يجتمعان. اهـ. بتصرف يسير.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري:

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}.
من ظنَّ أنه يصل إلى محل عظيم من دون مقاساة الشدائد ألقته أمانيه في مهواة الهلاك، وإنَّ من عرف قَدْر مطلوبه سَهُلَ عليه بَذْلُ مجهوده: (....) وهو بلذاته على من يظن يخلع العذار وقال قائلهم:
إذا شام الفتى برق المعاني ** فأهونُ فائتٍ طِيبُ الرُّقاد

.من فوائد الشعراوي:

قال رحمه الله:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.
إن الإيمان ليس مجرد كلمة تقال هكذا، بل لابد من تجربة تثبت أنكم فُتِنْتُم ونجحتم في الفتنة، والفتنة هي الامتحان، إذن فلا تحسبوا أن المسألة سوف تمر بسهولة ويكتفي منكم أن تقولوا نحن نحمل دعوة الحق، لا. إذا كنتم صادقين في قولكم يلزمكم أن تكونوا أسوة حين يكون الحق ضعيفا؛ فالحق حين يكون قويا فهو لا يحتاج إلى أسوة. بل قضية الإيمان الحق تحتاج إلى الأسوة وقت الضعف. ودخول الحنة له اختبار يجب أن يجتازه المؤمن.
والحق يقول: {وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} وعندما نسمع ذلك فعلينا أن نعرف أن الله يعلم علما أزليا من المجاهد ومن الصابر، ولكنه علم لا تقوم به الحُجة على الغير، فإذا حدث له واقع صار حُجة على الغير. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)}.
أخرج ابن أبي شيبة في كتاب المصاحف عن سعيد بن جبير قال: أول ما نزل من آل عمران {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين} ثم أنزل بقيتها يوم أحد.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله: {هذا بيان للناس} قال: هذا القرآن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {هذا بيان} الآية. قال: هو هذا القرآن جعله الله بيانًا للناس عامة {وهدى وموعظة للمتقين} خصوصًا.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي في الآية قال: {بيان} من العمى {وهدى} من الضلالة {وموعظة} من الجهل. اهـ.
{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)}.
أخرج ابن جرير عن الزهري قال: كثر في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم القتل والجراح حتى خلص إلى كل امرئ منهم البأس. فأنزل الله القرآن، فآسى فيه بين المؤمنين بأحسن ما آسى به قومًا كانوا قبلهم من الأمم الماضية فقال: {ولا تهنوا ولا تحزنوا} إلى قوله: {لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال: أقبل خالد بن الوليد يريد أن يعلو عليهم الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «اللهمَّ لا يعلون علينا». فأنزل الله: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال: انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب يوم أحد، فسألوا ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وما فعل فلان؟ فنعى بعضهم لبعض، وتحدثوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل، فكانوا في هم وحزن. فبينما هم كذلك علا خالد بن الوليد بخيل المشركين فوقهم على الجبل، وكان على أحد مجنبتي المشركين وهم أسفل من الشعب، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم فرحوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم لا قوّة لنا إلا بك، وليس أحد يعبدك بهذا البلد غير هؤلاء النفر، فلا تهلكهم» وثاب نفر من المسلمين رماة، فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله، وعلا المسلمون الجبل، فذلك قوله: {وأنتم الأعْلَوْنَ إن كنتم مؤمنين}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولا تهنوا} قال: لا تضعفوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {وأنتم الأعلون} قال: وأنتم الغالبون. اهـ.
{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَالله لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ الله الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {إن يمسسكم} قال: أن يصبكم.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} برفع القاف فيهما.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {إن يمسسكم قرح} قال: جراح وقتل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} قال: إن يقتل منكم يوم أحد فقد قتلتم منهم يوم بدر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: نام المسلمون وبهم الكلوم يعني يوم أحد قال عكرمة: وفيهم أنزلت {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس} وفيهم أنزلت {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون} [النساء: 104].
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {وتلك الأيام نداولها بين الناس} فانه كان يوم أحد بيوم بدر. قتل المؤمنون يوم أحد اتخذ الله منهم شهداء، وغلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم بدر، فجعل له الدولة عليهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وتلك الأيام نداولها بين الناس} قال: فانه أدال المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وبلغني أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد بضعة وسبعين رجلًا، عدد الأسارى الذين أسروا يوم بدر من المشركين، وكان عدد الأسارى ثلاثة وسبعين رجلًا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن {وتلك الأيام نداولها بين الناس} قال: جعل الله الأيام دولًا. مرة لهؤلاء، ومرة لهؤلاء. أدال الكفار يوم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية قال: والله لولا الدول ما أودى المؤمنون، ولكن قد يدال للكافر من المؤمن ويُبْتَلى المؤمن بالكافر، ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه، ويعلم الصادق من الكاذب.
وأخرج عن السدي {وتلك الأيام نداولها بين الناس} يومًا لكم ويومًا عليكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي حاتم عن ابن سيرين {وتلك الأيام نداولها بين الناس} يعني الأمراء.
وأخرج ابن المنذر عن أبي جعفر قال: إن للحق دولة وإن للباطل دولة من دولة الحق. إن إبليس أمر بالسجود لأدم فأديل آدم على إبليس، وابتلي ادم بالشجرة فأكل منها فأديل إبليس على آدم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} قال: إن المسلمين كانوا يسألون ربهم اللهم: ربنا أرنا يومًا كيوم بدر، نقاتل فيه المشركين، ونبليك فيه خيرًا، ونلتمس فيه الشهادة.
فلقوا المشركين يوم أحد، فاتخذ منهم شهداء.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في الآية قال: كان المسلمون يسألون ربهم أن يريهم يومًا كيوم بدر. يبلون فيه خيرًا، ويرزقون فيه الشهادة، ويرزقون الجنة والحياة والرزق. فلقوا يوم أحد، فاتخذ الله منهم شهداء، وهم الذين ذكرهم الله تعالى فقال: {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتًا} [البقرة: 154] الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} قال: يكرم الله أولياءه بالشهادة بأيدي عدوهم، ثم تصير حواصل الأمور وعواقبها لأهل طاعة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء} يقول: أن لا تقتلوا لا تكونوا شهداء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الضحى قال: نزلت {ويتخذ منكم شهداء} فقتل منهم يومئذ سبعون، منهم أربعة من المهاجرين: منهم حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، والشماس بن عثمان المخزومي، وعبد الله بن جحش الأسدي، وسائرهم من الأنصار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: لما أبطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن فإذا رجلان مقتولان على دابة أو على بعير فقالت امرأة من الأنصار: من هذان؟ قالوا: فلان وفلان. أخوها وزوجها. أو زوجها وابنها، فقالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: حي... قالت: فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء. ونزل القرآن على ما قالت {ويتخذ منكم شهداء}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس {وليمحص الله الذين آمنوا} قال: يبتليهم {ويمحق الكافرين} قال: ينقصهم.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين. أنه كانت إذا تلا هذه الآية قال: اللهمَّ محصنًا ولا تجعلنا كافرين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إسحق {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة} وتصيبوا من ثوابي الكرامة {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم} يقول: ولمَ اختبركم بالشدة وأبتليكم بالمكاره؟ حتى أعلم صدق ذلك منكم. الإيمان بي، والصبر على ما أصابكم فيّ. اهـ.